مقدمة عن وجود فكرة الذكاء المتداخل بين الثقافات Intercultural intelligence منذ القدم: 

منذ نشأة الإنسانية والعالم يشهد تبادلات ثقافية وحضارية عديدة تحدث بين الشعوب المختلفة. 

لقد كان هذا التواصل مسؤولاً عن العديد من المظاهر التي ساهمت في إعداد المجتمع الذي نعيش فيه اليوم.

ومع ظاهرة العولمة Globalization، تضاءلت المسافات التي تفصل بين الشعوب. في ظل هذا السيناريو يظهر في عالم الأعمال مفهوم هام وهو الذكاء المتداخل بين الثقافات أو Intercultural intelligence

تتولد فكرة هذا المفهوم من مجموعة من المهارات التي تسمح بالتفاعل الإيجابي لشخص ما مع أناس آخرين من ثقافات مختلفة عنه.

بكلامنا هذا لا نتحدث فقط عن الجنسيات المختلفة، بل أيضاً عن العادات الإقليمية والمناطقية، العقائد الدينية، السلوكيات البديلة وغيرها.

لكي تتعرف أكثر على هذا المفهوم ومدى أهميته في عالم الأعمال التجارية، باعتباره أداة تساهم في تطورك الشخصي بين العاملين معك من جنسيات وبلدان أخرى في شركتك مثلاً أو في حيك، تابع قراءة هذا المقال.

هل التواصل بين الحضارات هو مظهر إيجابي أم سلبي؟ 

هذا السؤال هام بالفعل ويجعلنا نشعر أكثر بأهمية التعرف على موضوع اليوم “الذكاء المتداخل بين الثقافات المختلفة أو Intercultural Intelligence ” .

في الحقيقة يساعد الاحتكاك بين شخص يأتي من ثقافة مع شخص يأتي من ثقافة أخرى مغايرة تماماً على تبادل المعارف بينهما والتعلم من الاختلاف.

فالعالم منذ نشأته قائم على الاختلاف وهذا المظهر يساهم في إغناء العلوم والمعرفة والفائدة، كما يشير إليه هذا الفيديو الذي عثرنا عليه في يوتيوب:

كما أنه يمكننا أن نجد العديد من البرامج التي يتم تدريسها في الجامعات حالياً والتي تُعنى بدراسة الأدب والتواصل بين الثقافات المختلفة.

ومثالنا العملي على ذلك هذه المرة يأتي من دولة فلسطين، في الجامعة العربية الأمريكية في رام الله، حيث يتم تدريس برنامج في الجامعة يساعد على اكتساب فن التعامل مع الثقافات المختلفة، من خلال وجود مدرسين مختصين بدراسة الثقافات.

يتمتع الطلاب المشاركون في هذا البرنامج بفرصة دراسة فصل يحصلون فيه على المعارف والعلوم التي تساعدهم على التواصل بين الثقافات المختلفة، كما تكون أمامهم الفرصة للمشاركة في مؤتمرات وندوات دولية ولقاءات مع مستشارين دوليين.

والثمرة المتحققة من هذه البرامج: هي التمتع بفكر أكثر انفتاحاً وشخصية قابلة للتأقلم والاعتياد على الاختلافات التي يمكن أن تتواجد في مكان واحد، سواء في شركة أو شارع مدني.

شاهد هذا الفيديو الذي عثرنا لك عليه على يوتيوب، والذي أغنى موضوعنا هنا في هذا المنشور:

بعد مشاهدة هذه الفيديوهات، ستشعر بالحماس أكثر للتعرف على الأساليب التي تساعدك على الاستفادة من مفهوم الـ intercultural intelligence لصالح تطورك الشخصي والتمتع بمناخ ملائم أكثر في بيئة العمل في شركتك، الأمر الذي يعود بمزيد من العائد والربح على الشركة والجميع.

ماذا يعني مفهوم Intercultural intelligence ؟ 

إن الثقافة التي نعيش فيها تؤثر بشكل مباشر على شخصيتنا وعلى الناس الذين نتعامل معهم. 

هناك العديد من المعايير التي تعمل على تشكيل نمط حياتنا: القيم، العادات، العقائد، الأفكار، الملاحظات والسلوكيات.

نظراً لشدة اندماجنا و انصهارنا بثقافتنا، نشعر أحياناً أنها تقيد خياراتنا وتجعلنا نسلك في طريق معين  أو نتصرف بطريقة محددة من تلقاء أنفسنا، ومن دون التفكيرمثلاً.

في هذه المواقف، يظهر الذكاء المتداخل بين الثقافات حلاً يجعلك قادراً على فهم هذه المظاهر الكامنة في الوسط الذي تعيش فيه والتي تتعلق بالكائن البشري.

بهذا الأسلوب، يمكنك التعامل مع الاختلافات الكامنة بين الثقافات بمزيد من المرونة، وبهذا تستطيع التعامل مع العوائق والمشكلات التي قد تنشأ بينك وبين الناس من ثقافات مختلفة بسبب اختلاف الثقافة بينكم.

ما هي العناصر الأساسية التي يقوم عليها الذكاء المتداخل بين الثقافات ؟

1- التحفيز

ويُترجم بالاهتمام الواضح بالتفاعل مع أناس ينحدرون من ثقافات مختلفة

2- الإدراك

ويتجلى في الفهم العام “للمصطلحات والمفاهيم” التي تقوم عليها المجتمعات الأخرى تستند إليها، مثل التلاؤم الاجتماعي على حسب ما هو متوقع في ثقافة أخرى.

3- إدراك الإدراك – إدراك ما وراء المعرفة

ويتجلى في الفهم أو الوعي لأفكار أخرى يتم وضعها بالاستناد إلى اختلافات ثقافية أو معاكسة.

4- السلوك

وتعني مهارة التصرف بطريقة مختلفة في الثقافات الأخرى، كإحناء الرأس ووضع اليدين مغلقتين معاً أسفل الذقن لإلقاء تحية على شخص آسيوي مثلاً.

إن هذه العناصر الأربعة هي مهارات يمكن تطويرها، وتسمح بتوطيد علاقة صداقة قوية مع أناس من ثقافات مختلفة.

كما أنها تسمح بالنمو على الصعيد الشخصي والمهني من خلال التواصل والتعرف على وجهات نظر أناس مختلفين عنك.

ما سبب التفكير في تعدد الثقافات أو الثقافات المتعددة؟

في ظل عالم يتصف بالعولمة على نحو عالٍ، حيث يتم التغلب تدريجياً على مشكلة الحدود وفكرة وجود فواصل بين الدول، تزداد الفرص التي تضطر فيها الشركات الكبرى للتعامل الثقافات المتعددة والمختلفة، خصوصاً عندما يكون لديها النية في توسيع أعمالها والدخول إلى أسواق جديدة في بلدان أخرى.

كنتيجة على ذلك، يتواصل العاملون مع أناس ينحدرون من ثقافات مختلفة. 

لكن كيف يمكن تجنب حدوث أية مشكلات أو سوء فهم أو سوء تعامل مع الجنسيات المختلفة في بيئة العمل؟ كيف يمكن الاستفادة من التعايش المتناغم والسليم والمتلاحم للاستفادة قدر المستطاع من طاقات وإمكانات الجميع؟

كيف يمكن التحفيز على الترويج لتعاون شامل بين الجميع يعود بالفائدة والنفع على الجميع؟

إن التفكير في مفهوم تعدد الثقافات وفهم أهميته يمثل الخطوة الأولى في ذلك.

فالشركات التي تهتم بهذا الأمر تتقدم وتتفوق على الشركات المنافسة لها، لأن الذكاء المتداخل ما بين الثقافات Intercultural intelligence قد تحول إلى مظهر حاسم لصحة وسلامة العمل التجاري.

إن غياب القدرة على التعامل مع الاختلاف قد يؤدي لصعوبات متبادلة ومشتركة في التواصل والفهم.

يمكننا القول أنه في أيامنا هذه، يعتبر معرفة التعامل مع الثقافات المتعددة والبدء بعملية تعليم تعاوني وتشاركي مخصص لهذه المسألة هام جداً ويعادل في أهميته مسألة حل المشكلات التي قد تنجم عن التواصل والإدارة.

كيف يمكن تطوير الذكاء المتداخل بين الثقافات ؟ 

إن فرق العاملين التقنيين، وفريق الخدمات والإدارة، خصوصاً قادة البيزنس يمكنهم الاستفادة من إمكانية فهم الثقافات المتنوعة والمختلفة.

يمكن تطوير الذكاء القائم على التلاحم والتفاعل بين الثقافات Intercultural intelligence من خلال:

5 خطوات تساعدك على الاستفادة من الـ Intercultural intelligence

1- دراسة الحالات متعددة الجنسيات 

إن التعرف على الخبرات المتأتية من الثقافات المختلفة هي طريقة فعالة لملاحظة طريقة حدوث التفاعل وتبادل الخبرات والمعارف بين الناس الذين لديهم ملاحظات مختلفة ومفيدة.

اسعَ إلى دراسة الحالات التي توجد في الشركات التي تعد مرجعاً في مجال عملها وشارك هذه الحقائق والنتائج مع العاملين لديك.

2- تعرف على ثقافات جديدة 

إذا كان ذلك ممكناً، حاول تخصيص بعض الأموال والاستثمارات للقيام بالأسفار الجماعية مع العاملين لديك إلى الخارج. 

إن التعرف على الثقافات الأخرى والاحتكاك بها، خصوصاً من جانب الإدارة، يساهم في تقوية الاقتصاد الإبداعي، باعتبار أن الإرث الثقافي أو التراث هو إحدى الدعامات اللازمة لتطور الشركات بشكل ديناميكي.           

3- التمرين والتدريب على التقبل للاختلاف

من خلال التدريبات، التأهيل والتمرين، يمكنك الوصول بشركتك والعاملين معك إلى تقبل العاملين الآخرين الذين ينحدرون من ثقافات مختلفة.

يمكنك التفكير في أية أعمال أو نشاطات تساعد وتحفز على التواصل مع الشخص المختلف عنك، ويمكن أن تجعلك تتصرف وتتعامل بشكل أفضل مع القيم المختلفة عن قيمك.

بهذا يمكن للعاملين أن يتدربوا على العناصر الثلاثة التي تشكل مفهوم الذكاء المتداخل بين الثقافات أو Intercultural intelligence : الإدراك، إدراك الإدراك والسلوك.

4- التطوير والتحفيز على الاهتمام

فيما يتعلق بعنصر التحفيز (العنصر الأول)، يعتبر إيقاظ الاهتمام والفضول حول الثقافات المختلفة وفهم السياق في ظل ثقافات متعددة ومتنوعة أمراً أساسياً وجوهرياً.

وهذا يشكل الأساس لإقامة وتوطيد مناخ صحي وسليم في العمل، ويشجع على تقبل واحترام الاختلافات الثقافية.

لهذا السبب، من المفيد أن تستثمر وتستغل فكرة إقامة محاضرات تتحدث عن الثقافات المختلفة.

إليك نصيحة أخرى: قم بتحضير العروض التقديمية ووضع الإحصائيات التي تُظهر المزايا والفوائد التي يمكن الحصول عليها من التبادل الثقافي، ليس في بيئة العمل وحسب، بل أيضاً على صعيد التطور الشخصي Personal Development

5- الاعتماد على فائدة الذكاء العاطفي Emotional Intelligence

في أيامنا هذه بات موضوع الذكاء العاطفي يكتسب أهمية أكبر، خصوصاً في عالم الشركات وبيئة العمل. 

يقوم الذكاء العاطفي Emotional Intelligence على إدارة العواطف والمشاعر، بحيث لا تتأثر التفاعلات ما بين الأشخاص ببعض المشاعر السلبية التي قد تطرأ فجأة.

وهذا هو الطريق السليم والمفيد أيضاً لتطوير مهارة التعامل مع الناس المختلفين من الناحية الثقافية.

إن نصيحتنا لك هي الترويج لتدريبات وأنشطة تساعد على تحفيز الفهم والتأكيد على الذكاء العاطفي وأهمية نشره بين العاملين. 

يتضمن هذا المفهوم: 

خاتمة 

كما رأيتَ في هذه المقالة، يعتبر الذكاء المتداخل بين الشركات أو  intercultural intelligence مهارة مفيدة وتجلب الكثير من الفوائد والمزايا للشركات ولكل عامل من العاملين فيها.

بهذا ترى كل عامل من العاملين في الشركة يحظى بعلاقة جيدة جداً مع العاملين الآخرين المنحدرين من ثقافات مختلفة ومغايرة أو يأتون من دول أخرى. 

ما رأيك بهذه المقالة ؟ يمكنك إعطاء رأيك و التحدث إلينا عبر مساحة التعليقات لنتعلم معاً

بالتوفيق لك في أعمالك 

وإلى اللقاء في تدوينة أخرى ومنشور آخر

السلام عليكم